الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: لباب التأويل في معاني التنزيل المشهور بـ «تفسير الخازن» (نسخة منقحة).
.تفسير الآيات (59- 61): {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)}وقوله عزّ وجلّ: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} أي الاحتلام يريد الأحرار الذين بلغوا {فليستأذنوا} أي يستأذنوا في جميع الأوقات في الدخول عليكم {كما استأذن الذين من قبلكم} أي الأحرار الكبار {كذلك يبين الله لكم آياته} أي دلالته وقيل أحكامه {والله عليم} أي بأمور خلقه {حكيم} بما دبر وشرع قال سعيد بن المسيب: يستأذن الرجل على أمه فإنما أنزلت هذه الآية في ذلك، وسئل حذيفة أيستأذن الرجل على والدته قال نعم إن لم تفعل رأيت منها ما تكره قوله: {والقواعد من النساء} يعني اللاتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر فلا يلدن ولا يحضن {اللاتي لا يرجون نكاحاً} أي لا يردن الأزواج لكبرهن، وقيل: هن العجائز اللواتي إذا رآهن الرجال استقذروهن فأما من كانت فيها بقية جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في حكم هذه الآية: {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} أي عند الرجال والمعنى بعض يثابهن وهو الجلباب والرداء الذي فوق الثياب، والقناع الذي فوق الخمار فأما الخمار فلا يجوز وضعه {غير متبرجات بزينة} أي من غير أن يردن وضع الجلباب والرداء إظهار زينتهن. والتبرج هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما يجب عليها أن تستره {وأن يستعففن} أي فلا يلقين الجلباب ولا الرداء {خير لهن والله سميع عليم} قوله عز وجل: {ليس على الأعمى حرج} اختلف العلماء في هذه الآية فقال ابن عباس: لما أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى، الزمنى والعمى والعرج وقالوا الطعام أفضل الأموال وقد نهانا الله عز وجل عن أكل الأموال بالباطل، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب والأعرج لا يتمكن من الجلوس، ولا يستطيع المزاحمة على الطعام والمريض يضعف عن التناول فلا يستوفى من الطعام حقه فأنزل الله هذه الآية فعلى هذا التأويل يكون على بمعنى في أي ليس في الأعمى، والمعنى ليس عليكم في مؤاكلة الأعمى والمريض والأعرج حرج وقيل كان العميان والعرجان والمرضى يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء لأن الناس يقذرونهم ويكرهون مؤاكلتهم، وكان الأعمى يقول ربما آكل أكثر من ذلك ويقول الأعرج والأعمى ربما أجلس مكان اثنين فنزلت هذه الآية، وقيل: نزلت ترخيصاً لهؤلاء في الأكل من بيوت من سماهم الله في باقي الآية، وذلك أن هؤلاء كانوا يدخلون على الرجل في طلب الطعام فإذا لم يكن عنده شيء، ذهب بهم إلى بيت أبيه أو بيت أمه أو بعض من سمى الله تعالى فكان أهل الزمانة يتحرجون من ذلك ويقولون ذهب بنا إلى غير بيته فأنزل الله هذه الآية وقيل: كان المسلمون إذا غزوا دفعوا مفاتيح بيوتهم إلى الزمنى ويقولون لهم قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون لا ندخلها وأصحابها غيب فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم وقيل نزلت رخصة لهؤلاء في التخلف عن الجهاد فعلى هذا تم الكلام عند قوله: {ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} وقوله تعالى: {ولا على أنفسكم} كلام مستأنف قيل لما نزلت {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قالوا: لا يحل لأحد منا أن يأكل من أحد فأنزل الله تعالى: {ولا على أنفسكم} {أن تأكلوا من بيوتكم} أي لا حرج عليكم أن تأكلوا من بيوتكم، قيل أراد من أموال عيالكم وبيوت أزواجكم لأن بيت المرأة كبيت الزوج، وقيل بيوت أولادكم ونسب بيوت الأولاد إلى الآباء لما جاء في الحديث: «أنت ومالك لأبيك» {أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه} قال ابن عباس: عني بذلك وكيل الرجل وقيمه في ضيعته ماشيته لا بأس عليه أن يأكل من ثمرة ضيعته، ويشرب من لبن ماشيته ولا يحمل ولا يدخر، وقيل يعني بيوت عبيدكم ومماليككم، وذلك أن السيد يملك منزل عبد ه، والمفاتح الخزائن ويجوز أن يكون المفتاح الذي يفتح به، وإذ ملك الرجل المفتاح فهو خازن، فلا بأس أن يأكل الشيء اليسير، وقيل: ما ملكتم مفتاحه أي ماخزنتموه عندكم ما ملكتموه {أو صديقكم} الصديق هو الذي صدقك في المودة؛ قال ابن عباس نزلت في الحارث بن عمرو خرج غازياً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف مالك بن زيد على أهله، فلما رجع وجده مجهوداً فسأله عن حاله فقال: تحرجت أن آكل من طعامك بغير إذنك فأنزل الله تعالى هذه الآية، والمعنى أنه ليس عليكم جناح أن تأكلوا من منازل هؤلاء إذا دخلتموها وإن لم يحضروا من غير أن تتزودوا وتحملوا {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً} نزلت في بني ليث بن عمرو، وهم حي من كنانة كان الرجل منهم لا يأكل وحده حتى يجد ضيفاً يأكل معه فربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح، ربما كانت معه الإبل الحفل فلا يشرب من ألبانها حتى يأتي من يشاربه، فإذا أمسى ولم يجد أحداً أكل وقال ابن عباس: كان الغني يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته فيدعوه إلى طعامه فيقول: والله إني لأجنح أي أتحرج أن آكل معك، وأنا غني وأنت فقير فنزلت هذه الآية وقيل: نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا أنزل بهم ضيف إلا مع ضيفهم، فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا جميعاً، أي مجتمعين أو أشتاتاً أي متفرقين {فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم} أي ليسلم بعضكم على بعض هذا في دخول الرجل بيت نفسه يسلم على أهله، ومن في بيته قال قتادة: إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك فهم أحق من سلمت عليه، وإذا دخلت بيتاً ليس في أحد فقل السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله وبركاته، حدثنا أن الملائكة ترد عليه وقال ابن عباس إذا لم يكن في البيت أحد، فيلقل السلام علينا من ربنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله وبركاته وعن ابن عباس في قوله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم} قال: إذا دخلت المسجد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين {تحية من عند الله مباركة طيبة} قال ابن عباس حسنة جميلة وقيل ذكر البركة والطيب ها هنا لما فيه من الثواب والأجر {كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون} أي عن الله أمره ونهيه وآدابه..تفسير الآيات (62- 63): {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}قوله عزّ وجلّ: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه} أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {على أمر جامع} أي يجمعهم من حرب أو صلاة حضرت، أو جمعة أو عيد أو جماعة أو تشاور في أمر نزل {لم يذهبوا} أي لم يتفرقوا عنه ولم ينصرفوا عما اجتمعوا له {حتى يستأذنوه} قال المفسرون «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة، وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث يراه فيعرف أنه إنما قام ليستأذن فيأذن لمن شاء منهم» قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده قال أهل العلم وكذلك كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام يخالفونه، ولا يرجعون عنه إلا بإذن وإذا استأذن الإمام إن شاء أذن له وإن شاء لم يأذن وهذا إذا لم يكن حدث سبب يمنعه من المقام فإن حدث سبب يمنعه من المقام، بأن يكون في المسجد فتحيض امرأة منهم أو يجنب رجل أو يعرض له مرض فلا يحتاج إلى الاستئذان {إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم} أي أمرهم {فأذن لمن شئت منهم} أي في الانصراف والمعنى إن شئت فأذن إن شئت فلا تأذن {واستغفر لهم الله} أي إن رأيت لهم عذراً في الخروج عن الجماعة {إن الله غفور رحيم} قوله عز وجل: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} قال ابن عباس رضي الله عنهما: يقول احذروا دعاء الرسول إذا اسخطتموه فإن دعاءه موجب ليس كدعاء غيره وقيل معناه لا تدعوه باسمه، كما يدعو بعضكم بعضاً يا محمد يا عبد الله، ولكن فخموه وعظموه وشرفوه وقولوا يا نبيّ الله يا رسول الله في لين وتواضع {قد يعلم الله الذين يتسللون} أي يخرجون {منكم لواذاً} أي يستتر بعضهم ببعض ويروغ في خفية فيذهب قيل كانوا في حفر الخندق فكان المنافقون ينصرفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مختفين وقال ابن عباس لواذاً أي يلوذ بعضهم ببعض، وذلك أن المنافقين كان يثقل عليهم المقام في المسجد يوم الجمعة واستماع خطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم فكانوا يلوذون ببعض أصحابه، فيخرجون من المسجد في استتار وقوله قد يعلم فيه التهديد بالمجازاة {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} أي يعرضون عن أمره وينصرفون عنه بغير إذن {أن تصيبهم فتنة} أي لئلا تصيبهم فتنة أي بلاء في الدنيا {أو يصيبهم عذاب أليم} أي وجيع في الآخرة، ثم عظم الله نفسه..تفسير الآية رقم (64): {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)}فقال تعالى: {ألا إن لله ما في السموات والأرض} أي ملكاً وعبيداً {قد يعلم ما أنتم عليه} أي من الإيمان والنفاق {ويوم يرجعون إليه} يعني يوم القيامة {فينبئهم بما عملوا} أي من الخير والشر {والله بكل شيء عليم} عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لاتنزلوا النساء الغرف، ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور» أخرجه أبو عبد الله بن السبع في صحيحه والله سبحانه وتعالى أعلم..سورة الفرقان: .تفسير الآيات (1- 2): {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)}قوله عز وجل: {تبارك} تفاعل من البركة قيل: معناه جاء لكل بركة وخير وقيل معناه تعظيم {الذي نزل الفرقان} أي القرآن سماه فرقاناً لأنه فرق بين الحق، والباطل والحلال والحرام وقيل لأنه نزل مفرقاً في أوقات كثيرة ولهذا قال نزل بالتشديد لتكثير التفريق {على عبد ه} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم {ليكن للعالمين} أي للإنس والجن {نذيراً} قيل هو القرآن وقيل النذير هو محمد صلى الله عليه وسلم {الذي له ملك السموات والأرض} أي هو المتصرف فيهما كيف يشاء {ولم يتخذ ولداً} أي هو الفرد في وحدانيته، وفيه رد على النصارى {ولم يكن له شريك في الملك} يعني هو المنفرد بالإلهية، وفيه رد على الثنوية وعباد الأصنام {وخلق كل شيء} مما تطلق عليه صفة المخلوق {فقدره تقديراً} أي سواه هيأه لما يصلح له لا خلل فيه ولا تفاوت، وقيل: قدر كل شيء تقديراً من الأجل والرزق فجرت المقادير على ما خلق..تفسير الآيات (3- 8): {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8)}قوله تعالى: {واتخذوا} يعني عبد ة الأوثان {من دونه آلهة} يعني الأصنام {لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً} يعني دفع ضر ولا جر نفع {ولا يملكون موتاً} أي إماتة {ولا حياة} أي إحياء {ولا نشوراً} أي بعثاً بعد الموت {وقال الذين كفروا} يعني النصر بن الحارث وأصحابه {إن هذا} أي ما هذا القرآن {إلا إفك} أي كذب {افتراه} أي اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم {وأعانه عليه قوم آخرين} قيل: هم اليهود وقيل عبيد بن الخضر الحبشي الكاهن، وقيل جبر ويسار وعداس بن عبيد كانوا بمكة من أهل الكتاب، فزعم المشركون أن محمداً صلى الله عليه وسلم يأخذ منهم قال الله تعالى: {فقد جاؤوا} يعني قائلي هذه المقالة {ظلماً وزوراً} أي بظلم وزور، وهو تسميتهم كلام الله بالإفك والافتراء {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها} يعني النضر بن الحارث كان يقول: إن هذا القرآن ليس من الله وإنما هو مما سطره الأولون مثل حديث رستم واسفنديار ومعنى اكتتبها انتسخها محمد صلى الله عليه وسلم من جبر ويسار وعداس وطلب أن تكتب له لأنه كان لا يكتب {فهي تملى عليه} أي تقرأ عليه ليحفظها لأنه لا يكتب {بكرة وأصيلاً} يعني غدوة وعشية قال الله تعالى رداً عليهم {قل} يا محمد {أنزله} يعني القرآن {الذي يعلم السر} أي الغيب {في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً} أي لولا ذلك لعاجلهم بعذابه {وقالوا مال هذا الرسول} يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم {يأكل الطعام} أي كما نأكل نحن {ويمشي في الأسواق} أي يلتمس المعاش كما نمشي نحن وإذا كان كذلك فمن أين له الفضل علينا، ولا يجوز أن يمتاز عنا بالنبوة وكانوا يقولون له لست بملك لأنك بشر مثلنا، والملك لا يأكل ولا يملك لأن الملك لا يتسوق وأنت تتسوق وتبتذل وما قالوه فاسد لأن أكله الطعام لكونه آدمياً، ولم يدع أنه ملك ومشيه في الأسواق لتواضعه وكان ذلك صفته في التوراة ولم يكن سخاباً في الأسواق وليس شيء من ذلك ينافي النبوة ولأنه لم يدع أنه ملك من الملوك {لولا أنزل إليه ملك} أي يصدقه ويشهد له {فيكون معه نذيراً} أي داعياً {أو يلقى إليه كنز} أي ينزل عليه كنز من السماء ينفقه فلا يحتاج إلى التصرف في طلب المعاش {أو تكون له جنة} يعني بستان {يأكل منها} أي هو فلا أقل من ذلك إن لم يكن له كنز {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً} يعني مخدوعاً وقيل مصروفاً عن الحق.
|